مقالات منوّعة

“إنفيديا” تصبح عقل “Chat GPT” وتنضم لنادي “التريليون دولار”.

تطبيق روبوت الدردشة له عقل يتكون من أكثر من 20 ألف معالِج رسوميات من إنتاج "إنفيديا".

“إنفيديا” تصبح عقل “Chat GPT” وتنضم لنادي “التريليون دولار”. تطبيق روبوت الدردشة له عقل يتكون من أكثر من 20 ألف معالِج رسوميات من إنتاج “إنفيديا”. حين جرب جنسن هوانغ “تشات جي بي تي” لأول مرة، طلب من روبوت المحادثة أن يكتب قصيدة عن شركته. أعجبت النتيجة هوانغ الذي راهن منذ أكثر من عقد على أنَّ رقائق الكمبيوتر التي تنتجها شركة “إنفيديا” قادرة على أن تصبح العقل الذي يحتاجه الذكاء الاصطناعي.

كانت قصيدة “تشات جي بي تي” التي نظمها الروبوت بالإنكليزية أشبه بما يلي:

“(إنفيديا) كانت أهلاً للتحدي

لديها وحدات معالجة قوية

للرسوميات والذكاء الاصطناعي

فهي ترسم آفاق التقنية”

القصيدة كانت خير دليل على أنَّ الرهان بدأ يؤتي ثماره أخيراً، على الأقل وفقاً لمعايير هوانغ.

كانت رقائق “إنفيديا” على مدى نحو ثلاثة عقود المحرك الرئيسي لرسوميات الانفجارات فائقة الواقعية في ألعاب الفيديو مثل “كول أوف ديوتي” (Call of Duty) و”كاونتر-سترايك” (Counter-Strike)، لكنَّ هوانغ كان يظن أنَّ رقائق الشركة قادرة أيضاً بشكل فريد على التدقيق في مجموعات ضخمة من البيانات التي يتطلبها الذكاء الاصطناعي.

كي يساهم في اختبار هذه النظرية؛ طلب هوانغ من فريقه بناء خادم صُمّم خصيصاً للذكاء الاصطناعي، وأخذ أول ما أنتجه مؤسسا “أوبن إيه آي” إلى إيلون ماسك وسام ألتمان في 2016.

وصف بعضهم الجهاز بأنَّه كمبيوتر عملاق للذكاء الاصطناعي، وكان حجم الجهاز – الذي بلغ ثمنه 129 ألف دولار – نفس حجم حقيبة الأوراق، واحتوى على ثمانية معالِجات للرسوميات متصلة ببعضها التي يمكنها أن تستوعب خلال ساعتين ما يستوعبه معالِج تقليدي للكمبيوتر خلال أكثر من ستة أيام. أحضر هوانغ الجهاز إلى مقر الشركة الناشئة وقدّمه كهدية، وحين شرح قدراته، ابتسم ماسك ناظراً إلى العلبة الفضية كما لو كان أباً فخوراً.

طلب على الرقائق

منذ ذلك الحين، شهد ماسك وألتمان انقساماً شابته خلافات حادة، لكنَّهما اتفقا على أمر واحد؛ إذ سعى كل منهما للحصول على رقائق “إنفيديا” لمشروعات مختلفة. أطلقت “أوبن إيه” تطبيق روبوت الدردشة “تشات جي بي تي” في أواخر العام الماضي، بدماغٍ إلكتروني فيه أكثر من 20 ألف معالِج رسوميات من إنتاج “انفيديا”.

بيّنت شركة الأبحاث “سيميلر ويب” (Similarweb) أنَّ عدد مستخدمي روبوت الدردشة بلغ 100 مليون مستخدم في فبراير، وهو ما كان سيمثل نجاحاً لـ”أوبن إيه آي” لو لم تكن تكلفة تشغيله شديدة الازتفاع.

5 اتجاهات رئيسية في التكنولوجيا ينبغي مراقبتها في المستقبل القريب.

تعهدت “مايكروسوفت” بتقديم تمويل لـ”أوبن إيه آي” يفوق 10 مليارات دولار، وهو ما سيساهم في تغطية تكاليف الحوسبة المرتفعة، وسيحتاج ألتمان، رئيس الشركة الناشئة التنفيذي، إلى أطنان من رقائق “إنفيديا” لتلبية الطلب.

قال هوانغ إنَّه لا يستخدم “تشات جي بي تي” كثيراً، لكنَّه يدفع 20 دولاراً شهرياً مقابل النسخة التي تطرحها شركة ألتمان، ومزح قائلاً: “إنَّه يحتاج للمال”.

كذلك ستحتاج أي شركة ترغب في الفوز بحصة في موجة ازدهار الذكاء الاصطناعي أيضاً للأموال. تُعد رقائق “إنفيديا” مكوِّناً حيوياً للبنية التحتية الخاصة بالحوسبة السحابية التي تستخدمها شركات “ألفابت” و”أمازون” و”مايكروسوفت”.

أنفق مشغِّلو مراكز البيانات مجتمعين 15 مليار دولار العام الماضي على طلبيات بالجملة من “إنفيديا”. قال هوانغ خلال مقابلة في 17 مايو بمقر “إنفيديا” في مدينة سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا: “سترى كثيراً من الأشياء الشبيهة بـ(تشات جي بي تي). الأمر يشبه بعثاً جديداً بالأساس، أو إعادة ابتكار الحوسبة كما نعرفها”.

إيلون ماسك الملياردير الذي ملأ الدنيا وشغل الناس .. ما قصته؟

إيرادات ومبيعات

بعد ذلك بأسبوع، كشف هوانغ للمستثمرين عما يعنيه ذلك البعث الجديد لنشاط “إنفيديا”. قفزت الإيرادات الفصلية لمراكز البيانات – التي تُطلق “إنفيديا” عليها الآن اسم “مصانع الذكاء الاصطناعي” – 14%، إذ وصلت إلى رقم قياسي بلغ 4.28 مليار دولار. كانت توقُّعات مبيعات الصيف أعلى بنسبة 53% من توقُّعات المحللين، ودفع ذلك تقييم الشركة إلى ما يربو على تريليون دولار.

كانت “إنفيديا” هي تاسع شركة تصل إلى هذا المستوى. بين عشية وضحاها، نمت “إنفيديا” بما يعادل إجمالي القيمة السوقية لإحدى منافسيها منذ فترة طويلة، وهي شركة “أدفانسد مايكرو ديفايسز”، وتبلغ قيمة الشركة الآن سبعة أضعاف قيمة “إنتل”. استخدم ثلاثة محللين على الأقل في “وول ستريت” الكلمة نفسها في عناوين تقاريرهم: “مذهل”.

ترجع عادةً الطريقة التي نظّم بها هوانغ هذا التحول، من شركة تصنع الرقائق لألعاب الفيديو إلى رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى قدرته السحرية على التنبؤ بالمستقبل. يشرح نائبو هوانغ الأمر باستخدام عبارات بديهية عادية مما يصدُر عن الشركات فقط.

قال إيان باك، نائب الرئيس للحوسبة عالية الأداء، إنَّ “إنفيديا” تعمل كشركة ناشئة بأسلوب الفريق الواحد دون اتباع سياسات الشركات، مردداً بذلك عبارة استخدمها 11 من زملائه في مقابلات مع “بلومبرغ بزنس ويك”. بدا الأمر وكأنَّ أحداً ما لقّنهم بيانات التدريب العامة نفسها التي تلقاها “تشات جي بي تي”.

قرارات هوانغ

الواقع هو أنَّ هوانغ كان مخطئاً ومصيباً بالقدر ذاته تقريباً. ارتكبت “إنفيديا” أخطاء في مقاربتها للهواتف الذكية، وأصدرت بطاقات لرسوميات الكمبيوتر باءت بالفشل، وبشّرت بموجات هوس قصيرة الأمد، ومثال ذلك أنَّ “تعدين العملات المشفَّرة لن يختفي قريباً”) وعرقلت الجهات التنظيمية مساعيها للاستحواذ على شركة تصميم الرقائق “آرم” (Arm) لقاء 40 مليار دولار.

يُبدي هوانغ غزيرة بقاء متأصلة. قد ينطوي ذلك على إيقاف مشروع ما بالكامل في اللحظة التي يدرك فيها أنَّ “إنفيديا” لا يمكنها الفوز، أو إهانة كبار الموظفين لإثبات نقطة ما. يتحدث هوانغ بفخر عن أنَّ شركته كادت تتوقف سبع مرات، وأنَّه كان على استعداد للمخاطرة مراراً؛ لأنَّ ذلك قد يساعده على اقتناص مستقبل الحوسبة في نهاية المطاف.

أضحت “إنفيديا” فجأة في قلب أهم تقنية في العالم. تملك الشركة حصة سوقية قدرها 80% لأحد أنواع الرقائق، اسمها “مسرِّع مركز البيانات”، وتبلغ فترة الانتظار الحالية لأحد معالِجات الذكاء الاصطناعي من إنتاج الشركة ثمانية أشهر. تتراكم طلبيات من العديد من شركات التقنية العملاقة لدى “إنفيديا”.

لكنَّ بعض أكبر عملاء هوانغ يصممون رقائقهم منذ سنوات، فيما يمثل خطوة تهدف لخفض اعتمادهم على موردين مثل “إنفيديا”. لكنَّهم باتوا مرتبطين بـ”إنفيديا” في الوقت الحالي. قال كريس ماك، المحلل في “هاردينغ لوفنر” (Harding Loevner)، وهي شركة استثمار تملك أسهماً في “إنفيديا” بقيمة 160 مليون دولار: “لا بد لـ (إنفيديا) أن تتعثر لسبب أو لآخر كي تمنح أحد منافسيها فرصة. لا يوجد بديل عملي”.

رقاقة “أمبير 100”

رقاقة “أمبير 100” (Ampere 100) هي التي تجعل الذكاء الاصطناعي ممكناً، ومن ذلك مَثَل الشعر الذي ينظمه “تشات جي بي تي”، وبرمجيات السيارات التي تقود نفسها إلى درجة ما، وكذلك صورة بابا الفاتيكان مرتدياً سترةً منفوخة مولَّدة بالكمبيوتر.

تستوحي الرقاقة اسمها من عالِم الفيزياء الفرنسي أندريه ماري أمبير، ويبلغ حجمها حجم علبة ثقاب تقريباً. تبدو الرقاقة ملساء السطح إلى أن تراها تحت المجهر، حيث يظهر نحو 54 مليار مُركَّب متناهي الصغر، وكان الترتيب على هيئة تبدو أشبه بخارطة لشبكة قطار الأنفاق في طوكيو.

أمضى مصممو رقاقة “إنفيديا” أربع سنوات في تحسين مخططات أولية رقمية من “أمبير 100” قبل إرسال التصميم إلى “تايوان سيميكوندكتور مانوفاكتشورينغ” أو “سامسونغ إلكترونيكس” لإنتاجها. حين يصبح أحد النماذج الأولية جاهزاً، يُرسل إلى الولايات المتحدة حيث يتلقى معاملة الشخصيات المهمة حيث ينقله سائق من المطار إلى مقر “إنفيديا”، ثم يوضع في مختبر بلا نوافذ، وهو مغطى بالشاشات وأنابيب تبريد تتدلى من السقف. (حين تغيب الاحتياطات الملائمة، قد ترتفع درجة حرارة الرقائق بما يكفي لاشتعالها).

بدايات “إنفيديا”

عادةً ما يبدو المهندسون، الذين تنطوي وظيفتهم على تشغيل هذه الرقائق الضئيلة القابلة للاشتعال، مرعوبين إلى حد الغثيان لدى تشغيل النموذج الأولي بعد إدخاله في جهاز اختبار. يأمل المهندسون أن تعمل الوحدة بالسرعة التي ينبغي أن تعمل بها.

قد يتطلب أي خطأ تصحيح الرقاقة أو “إعادة تصنيعها”، وهو ما قد يأخذ عدة أشهر، ويكبد الشركة خسارة فرصة مبيعات بملايين الدولارات. قال جوناه ألبين، نائب رئيس أول لدى “إنفيديا” لشؤوون هندسة معالِجات الرسوميات، إنَّه لا توجد لحظة انتصار، بل هناك مجرد “شعور متراجع بالقلق”.

عندما أسس هوانغ “إنفيديا” في الماضي، كانت المخاوف آخذة في التنامي. كان عمر هوانغ قد بلغ 30 عاماً، وكان حاصلاً على شهادة ماجستير في هندسة الكهرباء من جامعة ستانفورد، وعمل سابقاً في عدد من شركات تصنيع الرقائق، بما فيها “أدفانسد مايكرو ديفايسز”.

قرر هوانغ أن يؤسس شركة بمساعدة اثنين من زملائه من المهندسين في 1993 بعدما أدرك وجود حاجة لمعالِجات متخصصة لتحسين ألعاب الفيديو التي يحبها. يتذكر تينش كوكس، العضو بمجلس إدارة الشركة، الأمر قائلاً: “كان حماسه بشأن لعبة (فلايت سيميوليتور) ملموساً”.

لكنَّ الرقائق الأولى من إنتاج الشركة، بما فيها رقاقة مخصصة لوحدة التحكم بلعبة (سيغا دريمكاست)، فشلت، وذلك بسبب رهان الشركة على هندسة جديدة لم تكن معروفة بين مطوّري الألعاب. كانت السيولة على وشك النفاد في “إنفيديا” (هذه مرة من المرات السبع التي أوشكت شركة “هوانغ” فيها على الإفلاس)، لذا؛ قرر هوانغ الانسحاب من صفقة لعبة “سيغا” (Sega)، وحوّل مسار الشركة فجأة.

صفقات متعددة

ركز هوانغ بدلاً من ذلك على رقاقة جديدة مصممة لأجهزة الكمبيوتر التي تعمل ببرمجيات “مايكروسوفت ويندوز” (Microsoft Windows)، وأبرم صفقة مع “ديل” (Dell) و”غيت واي” (Gateway) كعملاء. حققت “إنفيديا” أرباحاً بلغت 4.1 مليون دولار في العام المالي 1998، وهي حقبة ذهبية لألعاب الكمبيوتر، ومنها: “هاف لايف” (Half-Life)، و”ستار كرافت” (StarCraft).

أصبحت “إنفيديا” شركة مدرجة في العام التالي. قال هوانغ آنذاك: “قيل لي إنَّني الأصعب بين الرؤساء التنفيذيين، من حيث التخلص مني”. بحلول 2006، كانت “إنفيديا” قد شحنت 500 مليون معالج رسوميات، وأضحت تقنية الشركة مدمجة في أجهزة “بلاي ستيشن 3” التي تطرحها “سوني” وأول جهاز “إكس بوكس” من “مايكروسوفت”.

الصين تلجأ لمياهها العميقة لتقليص واردات النفط أكبر دولة مستهلكة للخام عالمياً تكثف عملياتها لزيادة الإنتاج البحري.

خلال أغلب هذه الفترة، كان هوانغ يرتدي ملابس أشبه بتلك التي يرتديها موظفو متجر “بست باي” (Best Buy). يصفه جون روبنستاين، رئيس وحدة هندسة الأجهزة في “أبل” آنذاك، بـ”العبقري في التقنية”. ثم بدأ يوماً ما وهو يرتدي القمصان والسراويل والمعاطف الجلدية السوداء، وبدا منذئذ وكأنَّه لم يستبدلها.

قال ثلاثة أشخاص نالوا توبيخاً من هوانغ، وطلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم خوفاً من أن ينالوا قسطاً آخر من التوبيخ، إنَّ هوانغ يتنقل في حديثه أثناء المقابلات وفي الفعاليات العامة بين التجليات الذكية والدعابات المثيرة للإعجاب، لكنَّه في الشركة يكون أحياناً مديراً متسخطاً شتّاماً.

يتذكر أحدهم كيف أنَّ هوانغ حين يفتقر للإجابة الصحيحة، يطلب من أحد المسؤولين إحضار واحد من مرؤوسيه ممن يمكنهم تقديمها، وعادةً ما يتخلل ذلك وابل السباب. ينتظر هوانغ حينها، في نوبة غضب صامتة، ويطّلع على الرسائل الواردة في بريده الإلكتروني إلى أن يصل ذاك الشخص.

الإخلاص للشركة

بيّن بوب شيربين، المتحدث باسم “إنفيديا”، أنَّ معدل الإبقاء على قيادات الشركة مرتفع، وهم “مخلصون بشدة” لهوانغ. قال شيربين: “إنَّهم يُقدِّرون حس الفكاهة والشغف لدى هوانغ تجاه الشركة، وهم يعلمون أنَّه أشد قسوة في التعامل مع نفسه”.

كل موظف تقريباً يُطلب منه تقديم “أهم خمسة أمور” بالنسبة له عبر البريد الإلكتروني، مع إضافة تلك العبارة لعنوان الموضوع، ويذهب العديد من هذه الرسائل مباشرة إلى هوانغ. لا بد للرسالة أن تحتوي على ملخص وجيز عن أهدافه الملحّة، كي يتمكّن من متابعتها.

تتحدد أهم الأمور لـ”إنفيديا” منذ تأسيسها تقريباً بألا تتغلب عليها شركة “إنتل”. ساعد مجال الألعاب “إنفيديا” على أن تحتل موقعاً فريداً لوحدات معالجة الرسوميات التي تنتجها الشركة. لكنَّ وحدات المعالجة المركزية من إنتاج “إنتل” كانت مصنوعة لكل الأجهزة الأخرى تقريباً. لعقود؛ كانت “إنتل” أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم.

كانت وحدات المعالجة المركزية الخاصة بـ”إنتل” موجودة تقريباً في أغلب أجهزة الكمبيوتر التي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، واستحوذت الشركة على حصة سوقية لا يصدقها عقل تبلغ 99% لمعالِجات مراكز البيانات. كان من الممكن استخدام رقائق “إنتل” في الألعاب أيضاً، لكنَّها لم تكن بجودة رقائق “إنفيديا”.

إليك الفارق بين الاثنتين. فلنقل إنَّك ذاهب إلى متجر البقالة فتكون عربة التسوق هي ما يشبه وحدة المعالجة المركزية. ستسير في الممرات، وتضع ما تحتاج إليه في العربة، ثم تتجه إلى نقطة الدفع. هذه طريقة عادية تماماً لشراء البقالة.

لكنَّ وحدة معالجة الرسوميات تشبه حالة تعيين عشرات الأشخاص، وكل واحد منهم يدفع عربة تسوق. أحدهم يشتري حبوب الإفطار التي تفضلها وآخر يشتري الفاكهة، فيما يُحضر ثالث لفائف ورق المرحاض. لا يمكن لأي متسوق أن يحمل الكثير من الأغراض في سلته، لكنَّك تستطيع أن تخمن أي الطريقتين ستكسب في برنامج “سوبرماركت سويب” (Supermarket Sweep).

الحوسبة المتوازية

على مدى معظم تاريخ الكمبيوتر، لم تكن هناك أهمية كبيرة لذلك الأمر ذا أهمية، إلا لو كنت من محبي ألعاب الفيديو أو مونتاج الأفلام. تستطيع وحدات معالجة الرسوميات التي تصنعها “إنفيديا” أداء المهام المحددة والمتكررة المطلوبة بنفس المدة التي يتطلبها تحميل ملايين من عناصر الصور في لعبة “غراند ثيفت أوتو” (Grand Theft Auto).

في مدة مماثلة، ما تستطيع وحدة المعالجة المركزية التي تنتجها “إنتل” أن تفعله هو أن تفتح الجداول على برنامج “إكسل” (Excel)، وتشغل متصفح الإنترنت، بالإضافة إلى مقطع فيديو على “يوتيوب” وهكذا.

تُعرف الطريقة التي تُستخدم فيها وحدات معالجة الرسوميات بـ”الحوسبة المتوازية”، وفكّر هوانغ أنَّ هذه الطريقة قد يكون لها تأثير قوي على أصعب المشاكل التقنية.

نظرياً، يمكن أن يتيح توصيل أعداد أكبر من وحدات معالجة الرسوميات معاً، زيادة كمّ البيانات التي يتعامل معها نظام ما في أي وقت بشكل كبير. استنتج هوانغ أنَّها قد تستطيع حل مشكلة ما أُطلق عليه نهاية “قانون مور”.

ينص هذا القانون، الذي وضعه المؤسس المشارك في “إنتل” في الستينيات، على أنَّ عدد أجهزة الترانزستور في رقاقة ما سيتضاعف كل عامين تقريباً. حقق هذا التنبؤ الدقيق بشكل ملفت للنظر زيادات ضخمة في أداء المعالجات على مدى 50 عاماً، إلى أن توقفت العجلة عن الدوران منذ قرابة عقد. أضحت إضافة مزيد من وحدات المعالجة المركزية التي تصنعها “إنتل” إلى مراكز البيانات تؤدي، مجازاً، إلى ملء ممرات متجر البقالة بعربات التسوق.

عقبات كبيرة

بدأ العملاء يبحثون عن خيارات أخرى خلال العقد الثاني من الألفية، وكانت هذه فرصةً لهوانغ، إذ قد تصبح وحدات معالجة الرسوميات العاملة بالتوازي التي تنتجها “إنفيديا”، البديل الأمثل لكل عمليات معالجة البيانات هذه.

لكنَّ إحدى العقبات الضخمة التي واجهت “إنفيديا” كانت أنَّ أغلب البرمجيات التي تعمل على الخوادم حينذاك معدّة للتعامل مع وحدات المعالجة المركزية، أي لـ”إنتل”. لحسن حظ “إنفيديا”، كان لدى هوانغ حل على وشك الإثمار. في 2006، حشد هوانغ شركته لبناء لغة برمجيات جديدة اسمها “كودا” (Cuda)، وهو اسم مختصر لـ”حساب بنية الجهاز الموحدة”، بإمكانها توسيع نطاق أنواع البرمجيات التي تستطيع معالِجات “إنفيديا” تشغيلها.

كانت الفكرة مجنونة. إذ كان على فريق “كودا” إعادة تصميم عمليات حاسوبية معتمدة منذ طول أمد لوحدات المعالجة المركزية (المكتبات الحسابية والمنقِّحات وغيرها)، وهي ستتيح للمطوّرين تصميم برمجيات لإمكانات المعالجة المتوازية في وحدة معالجة الرسوميات. سرعان ما كلّف هوانغ الشركة بتصميم كل الرقائق الجديدة لتتلاءم مع “كودا” بتكلفة هائلة.

لفت هوانغ الانتباه في إعلانات الأرباح إلى أعداد الجامعات التي تُدرِّس لغة “كودا”، مما أربك المحللين الماليين، بل وبعض الموظفين الذين لم يدركوا علاقة ذلك كله بالألعاب. قال نائب سابق لرئيس “إنفيديا”، طلب عدم كشف هويته مثل غيره من الموظفين الذين أدلوا بتصريحات في هذا المقال، تحاشياً لاستعداء هوانغ: “كان ذلك هو مصدر تحقيق الإيرادات. لم يكن العالم سيخلو من مراهقين يحبون ألعاب الفيديو”.

تجارب أولية

أجرى فريق “كودا” إحدى التجارب الأولية في قاع المحيط. قال مهندس رفيع المستوى عمل سابقاً في “إنفيديا” إنَّ “ويسترن غيكو” (WesternGeco)، وهي شركة تابعة لشركة “شلمبرجير” للنفط، عملت مع “إنفيديا” لتحسين إحدى الخوارزميات لمسح ما تحت قاع المحيط إلكترونياً بحثاً عن مؤشرات على وجود مكامن نفط.

قال: “كان لديهم كميات هائلة من البيانات، وكانوا يستخدمون طائرات الهليكوبتر لنقلها من السفن لتحليلها. كانت كل هذه البيانات بحاجة لتحليل، وكانت النتيجة هي (احفر هنا وابحث هناك). كانت تكلفة هذه القرارات 100 مليون دولار”.

باستخدام وحدات معالجة الرسوميات، استطاعت الاختبارات الأولية للبرمجيات، التي أسفرت عنها جهود الشركة، تعدين البيانات بوتيرة أسرع بأكثر من ست مرات من أجهزة الكمبيوتر التي استخدمتها “ويسترن غيكو” في السابق.

أثبت حل مثل هذه المشكلة المعقدة أنَّ تقنية “إنفيديا” ليس محصورةً بالألعاب، وأنَّ إمكانات الشركة الكاملة لم تتضح إلى أن حدث فتح جديد أكبر نطاقاً في خلال مسابقة أكاديمية في 2012. حقق مشروع “أليكس نت” (AlexNet) أرقاماً قياسية لقدرته على تحديد محتويات الصور بدقة. كان معدل الخطأ في البرنامج، 15.3%، وهو أقل بما يفوق 10 نقاط مئوية من أقرب برنامج منافس.

أكبر مواقع الإنترنت في العالم من حيث عدد الزيارات

كانت الشبكات العصبية مُدرَّبة باستخدام “كودا” بالإضافة إلى اثنتين من وحدات معالجة الرسوميات من إنتاج “إنفيديا”. أظهر “أليكس نت” أنَّ الذكاء الاصطناعي الذي يعمل بوحدات معالجة الرسوميات قادر على أداء بعض المهام بمستوى يداني قدرات البشر.

حين ظهر هوانغ على المسرح في مؤتمر “إنفيديا” للمطوّرين في 2014، وهو حدث أُطلِق عليه “فعالية وودستوك لعلماء الرياضيات الحوسبية”، تحدث باستفاضة خلال أغلب خطابه عن مستقبل الذكاء الاصطناعي.

قال براين كاتانزارو، نائب الرئيس للبحث التطبيقي للتعلم العميق في “إنفيديا”: “حضر الناس وهم يتوقَّعون أن يروا تطورات هائلة، ومحاكاة للفيزياء بالطريقة التي تحدث عادةً خلال خطابات جنسن. لكن هذا الأمر قد أذهلهم”.

كان هوانغ يقول بشكل غير رسمي إنَّ شركته ستتفوق على “إنتل” يوماً ما

رهانات هوانغ

كانت لغة “كودا” ووحدات معالجة الرسوميات المهيأة لاستخدام الذكاء الاصطناعي مجرد حالتين من بين رهانات عدة أقدم هوانغ عليها في تلك الفترة، وكان العديد من هذه الرهانات فاشلاً.

تنازع هوانغ مع “إنتل” مجدداً لدخول مجال أجهزة الهاتف المحمول، وهي معركة خسرها الاثنان لصالح شركة “كوالكوم“. حاولت “إنفيديا” أيضاً أن تصنع أجهزة الكمبيوتر اللوحية، وأجهزة الاستقبال التلفزيوني، ومكبرات الصوت الذكية. ويشار إلى أنَّ أياً من هذه المشروعات لم ينجح.

قال مقربون من هوانغ إنَّه يملك قدرة استثنائية على إزالة القرارات الخاطئة من الذاكرة الجمعية لشركته. تساعد هذه الحركة، الأشبه بأحداث فيلم “Men in Black”، فرق هوانغ على الانتقال بسرعة للعمل على المشروع التالي.

في اجتماعات الشركة التي تضم ما يصل إلى 400 موظف، يطلب هوانغ من المديرين العامين تقديم استراتيجية لنشاط الشركة فيما يجلس في الصف الأول، ويقيم الوضع بطريقة أشبه بأسلوب سايمون كاول.

وفقاً لثلاثة أشخاص حضروا هذه الاجتماعات؛ يمكن لانتقادات هوانغ أن تكون لاذعة. قال هؤلاء الأشخاص إنَّ هذه التوبيخات العامة ليست موجهة للمتحدث على المسرح، بل للمئات الجالسين خلف هوانغ. يُفترض أن يقوم الموظفون في الشركة باستيعاب تعليماته والتصرف بناءً على ذلك، فيما يمثل أسلوب إدارة يشبه الحوسبة المتوازية.

في إشارة إلى هوانغ، يقول مسؤول تنفيذي عمل سابقاً لفترة طويلة في “إنفيديا” مع هوانغ عن كثب: “لا أحد يعرف حقاً كيف يعمل الصندوق الأسود، لكنَّه يعمل من خلال كثير من البيانات، وقد يبدي بعض المشاعر بين فينة وأخرى. إنَّه تقريباً الذكاء الاصطناعي الأمثل”.

إنجازات الشركة

حين قفزت أسهم قطاع التقنية خلال جائحة كورونا، حققت “إنفيديا” إنجازين ساهما في إعادة تعريف الشركة. في يوليو 2020، حصلت على لقب أعلى شركات صناعة الرقائق تقييماً، وفي الشهر التالي قالت “إنفيديا” إنَّ إيراداتها الفصلية من مراكز البيانات تخطت إيرادات الألعاب لأول مرة.

قال موريس تشانغ، مؤسس “تايوان سيميكوندكتور مانوفاكتشورينغ” التي تصنع الرقائق بالتعاقد: “لقد صدّقتُه قبل 10 سنوات حين قال إنَّ (إنفيديا) ستكون أكبر من (إنتل)”.

لم يكن تبشير هوانغ بالذكاء الاصطناعي هو ما ألقى صداه لدى “وول ستريت” حينذاك. كان الناس يتجهون لمزيد من ألعاب الفيديو كما يراهنون بمبالغ كبيرة على “بتكوين” وغيرها من العملات الرقمية. مما رفع الطلب على وحدات معالجة الرسوميات من “إنفيديا”، فقد كان ذات أداء متميز في تعدين العملات المشفَّرة.

باءت محاولات هوانغ لركوب موجة الزخم تلك بالفشل، إذ سعى لشراء شركة تصميم الرقائق “آرم” (Arm). المسؤولة عن معيار التصميم الأكثر استخداماً على نطاق واسع في قطاع الرقائق.

أغلى 10 رموز غير قابلة للاستبدال.

كانت الصفقة التي بلغ حجمها 40 مليار دولار ستؤمِّن مركز “إنفيديا” في مجال الهواتف المحمولة. وتوسِّع نطاق نشاطها ليشمل العديد من الأنواع الأخرى من المنتجات. لكنَّ الشركات التي كانت تعتمد على تصميمات رقائق “آرم” قلقة بالفعل من تنامي قوة “إنفيديا”. ورفعت الجهات التنظيمية الأميركية دعوى قضائية لإيقاف عملية الدمج. تنازل هوانغ عن الصفقة في فبراير 2022.

محور التركيز

في تلك الأثناء، ظلَّ الذكاء الاصطناعي محور التركيز الرئيسي للمسؤولين التنفيذيين في “إنفيديا”. قالت كوليت كريس، المديرة المالية للشركة، إنَّ المساهمين واجهوا صعوبات في استيعاب الفكرة وراء الصفقة.

تتذكر كريس أنَّها قالت حينها: “أنت تتحدث إلى هاتفك الذكي لتسأل عن أقرب فروع (ستاربكس). – هذا شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي. وراء الكواليس، هناك وحدة لمعالجة الرسوميات تعمل لحل تلك المشكلة لك باستخدام البيانات. لقد قلت هذا مراراً لدرجة لا تُصدق”. أما اليوم، فالمحادثات أسهل. قالت كريس: “الأمر بسيط جداً: (تشات جي بي تي)”.

اسأل عملاء “إنفيديا” عن طبيعة العمل مع الشركة، وسيخبرونك أنَّ الأمر أشبه بالتعامل مع “إنتل” في أوجِها. إذ لا توجد حسومات أو مفاوضات وليس هناك أي التفاف على الدور. يفسر ذلك أسباب محاولة بعض أكبر عملاء “إنفيديا” تصنيع الرقائق بأنفسهم. لكن لم يتمكن أحدهم من مجاراة “إنفيديا”. التي تجمع بين تصميم الرقائق والبرمجيات المتطورة، الأمر الذي يتطلب استثمارات وخبرات مستفيضة ومستمرة.

قال نافع بشارة، نائب رئيس “أمازون ويب سيرفسز”. (Amazon Web Services): “لسان حالك يتمنى لو كان للبائعين الآخرين تنفيذ وسرعة، ولو كانوا يخلقون أسواقاً وأحجام عمل مثل (إنفيديا). حينها؛ سنكون جميعاً بحال أفضل”.

“تسلا” تصنع رقائقها

حاول ماسك تقليص اعتماد “تسلا” على تقنيات “إنفيديا” في 2018. كشف ماسك النقاب عن رقاقة من تصميم “تسلا” حلّت في نهاية المطاف محل رقاقات “إنفيديا” للسيارات. التي تتمتع بخيار القيادة الذاتية في سيارات “تسلا”.

قالت سارة طارق، نائبة رئيس برمجيات القيادة الذاتية في “إنفيديا”: “الأمر استراتيجي بالنسبة لهم، تصنيع رقاقاتهم بأنفسهم وامتلاك النشاط بأكمله”. أوضحت سارة طارق أنَّ “تسلا” ما تزال عميلاً مهماً يشتري وحدات معالجة الرسوميات لتدريب مراكز البيانات.

طلب ماسك حديثاً آلاف وحدات معالجة الرسوميات التي تنتجها “إنفيديا” لمشروع آخر في مجال الذكاء الاصطناعي، وفقاً لتقارير إخبارية. سيكون ماسك محظوظاً إن تلقى هذه الطلبية قبل إجازة يوم العمل في أميركا في 4 سبتمبر. ليس لأنَّ هوانغ يحمل ضغينة على ماسك؛ بل بسبب أنَّ لا أحد يحصل على معاملة خاصة. لم يرد ماسك على طلبات للتعليق.

ما اقتصاديات السعادة؟ وكيف تعمل؟

استثمارات ضخمة

استثمرت شركات “ألفابت” و”أمازون” و”مايكروسوفت” أيضاً مليارات الدولارات في تصميم الرقائق. حققت “غوغل” إنجازات كبيرة في وحدات معالجة “تنسور” الخاصة بها. قال “ميدجورني”، التطبيق الشهير لتوليد الصور بالذكاء الاصطناعي. في مارس إنَّه سيتبنى معالِجات “غوغل” للتدريب النموذجي إلى جانب وحدات معالجة الرسوميات من “إنفيديا”.

وجد تحليل أجرته “نيو ستريت ريسيرش” (New Street Research). أنَّ أداء رقاقة “غوغل” أعلى بما يصل إلى ست مرات للدولار الواحد مقارنة بأداء رقاقة “أمبير 100” التي أنتجتها “إنفيديا”. لكنَّ ذلك يأتي على حساب أمور أخرى؛ رقاقة “غوغل” أقل مرونة في كيفية التعامل مع البيانات. لذا؛ فإنَّ الميزات لن تصمد لأكثر من عام أو اثنين.

“إنفيديا” بصدد إنتاج خليفة رقاقة “أمبير 100″، وهي “هوبر 100”. التي أتى اسمها من المبرمجة الرائدة غريس هوبر، علماً أنَّ أداءها يماثل أداء رقاقة “غوغل”. بيّن بيير فيراغو، المحلل في “نيو ستريت”، أنَّ أقوى الشخصيات في القطاع أيضاً تتصرف “بأسلوب مهذب للغاية”. يضيف فيراغو: “الكل خائف من إغضاب (إنفيديا)”. قال متحدث باسم “غوغل” إنَّ الشركة تُقدِّر شراكتها مع “إنفيديا”، وإنَّ رقائقها مكمِّلة لوحدات معالجة الرسوميات.

احتجَّ هوانغ حين سُئل عن التهديدات التي تواجه نشاط شركته. ينزعج هوانغ من الشكاوى بشأن سعر وحدات معالجة الرسوميات التي تصنعها الشركة. ويرى أنَّ العميل ينفق أموالاً أقل لتشغيل آلاته على المدى الطويل لأنَّ الشركة على قدرٍ عالٍ من الكفاءة.

قال هوانغ: “نحن الشركة التي توفر لك المال”. يرفض هوانغ أن يتحدث عن ماسك، ويقول إنَّه لم يكن على علم أنَّ ولاء “ميدجورني” يتأرجح.

بيّن هوانغ أنَّه لا يكترث إن أضحى العملاء لديه منافسين له. وسيستمر في معاملة “غوغل” كأحد أفضل عملائه، لأنَّها بالفعل أفضلهم. “ألفابت” هي ثالث أكبر عميل لـ”إنفيديا”، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرغ”. قال هوانغ والجدية ظاهرة عليه: “أنا جبان، وأكره القثاء من أجل أشياء”.

التنافس مع الصين

أعرب هوانغ الذي أصبحت شركته في أغسطس هدفاً لقيود الحكومة على انتشار الذكاء الاصطناعي. عن أمله بأن تتوقف الولايات المتحدة والصين عن المشاحنات. تتطلب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الآن تراخيص لتصدير أغلب رقائق “إنفيديا” المتقدمة. بما فيها “أمبير 100” و”هوبر 100″، إلى الصين. لذا صممت “إنفيديا” بسرعة نسخة من رقاقة “أمبير 100” لن تتأثر بالقيود لأنَّها أبطأ بالوصول للبيانات.

أفضل شركات البلوك تشين في عام 2023.

لا ترغب الولايات المتحدة أن تحقق الصين تعادلاً في تصنيع الرقائق. يحاجج هوانج بأنَّ قيود بايدن ستحقق العكس. قائلاً إنَّها تحفز الصين على تعزيز صناعتها المحلية. وإنَّ الصين فيها بالفعل أكثر من 50 شركة متخصصة في وحدات معالجة الرسوميات. يرى هوانغ أنَّ المخاطر أكبر، ويشير إلى أنَّ القيود قد تثير واقعة دولية. وبالتحديد غزو جزيرة متاخمة للصين حيث يجري تصنيع أغلب الرقائق في العالم، بما فيها رقائق “إنفيديا”.

قال هوانغ”: “لن تستسلم الصين لفكرة فرض قيود تنظيمية عليها. عليك أن تسأل نفسك في أي مرحلة ستقول الصين: فلنذهب إلى تايوان، وليس لدينا ما نخسره. في مرحلة من المراحل، لن يكون لدى الصين ما تخسره”.

تطورات مدهشة

يرى هوانغ في ظهور “تشات جي بي تي” المقابل لتطوير جهاز “أيفون” في مجال الذكاء الاصطناعي. فقد أدى ذلك بالفعل إلى عودة ظهور محرك بحث “بينغ” (Bing) من “مايكروسوفت”. وإمكانات جديدة مذهلة لتحويل النصوص إلى صور في برنامج “فوتوشوب” الذي تقدمه شركة “أدوبي”. وتطورات مدهشة في البحوث الطبية. كما أنَّ وحدات معالجة الرسوميات التي تصنعها “إنفيديا” هي بالطبع أساس كل ذلك.

كيف خطفت “إنفيديا” أضواء الذكاء الاصطناعي من منافساتها؟

يتجول هوانغ في أنحاء الكوكب مروجاً لدور شركته في ثورة الذكاء الاصطناعي في سلسلة لا تنتهي من المؤتمرات. يُعدل هوانغ بنفسه شرائح العرض التقديمي. للتأكد من أنَّ زوايا صور وحدات معالجة الرسوميات الخاصة بشركته تبدو مذهلة بأكبر قدر ممكن. كما يرتب ويُغيِّر بدقة حجم شعارات عملاء “إنفيديا” من الشركات.

لكنَّ شرائح العرض التقديمي باتت تضم أعداداً كبيرة من الشركات التي تتعامل مع الذكاء الاصطناعي. مثل “بايدو” و”إكسون موبيل” و”جيه بي مورغان” و”ماكدونالدز” و”فايزر” . لدرجة أنَّ الشعارات الآن أصبحت صغيرة حتى يكاد يتعذر تمييزها على الشاشة.

مخزونات الرقائق في كوريا الجنوبية عند أعلى مستوى في 7 سنوات.

العمل مستمر

في ظهر أحد الأيام المشمسة داخل مقر “إنفيديا” في كاليفورنيا. بدا الإرهاق على هوانغ عندما دخل إلى إحدى غرف المؤتمرات المسماة على اسم فيلم “West World” من إخراج مايكل كريتشتون. ذلك الصباح، سافر هوانغ جواً لحضور مؤتمر آخر عن التقنية في لاس فيغاس. وألقى خطاباً، ورحّب ببعض العملاء بحرارة، وشارك في برنامج تلفزيوني، ثم عاد إلى سيليكون فالي لإجراء هذه المقابلة. استرخى هوانغ على أريكة رمادية اللون. كان من حقه أن يشعر بالإرهاق، لكنَّه بدا وكأنَّه يدّعي الإرهاق على سبيل الدعابة.

حتى في سن الستين، لم يبدِ هوانغ أي علامات برغبته في تسليم دفة القيادة لشخص آخر. قال: “تأسست شركتنا بشكل يجعلني أعرف كيف أديرها. لذا هذا كل ما يهم بما أنَّني أديرها”. ضايق هوانغ في مرة ما مجموعة من نظرائه خلال حفل. قائلاً: “كلكم تعلمون أنكم تتولون مناصبكم لفترة محددة، وأنا عملي مستمر مدى الحياة. حين يدير أطفالكم شركاتكم، سأكون أنا هنا”.

قبل أشهر قليلة، كان هوانغ قد أمضى عامه الثلاثين رئيساً لـ”إنفيديا”. مما يجعله أطول الرؤساء التنفيذيين بقاءً في منصبه في قطاع تصنيع الرقائق. لكنَّه يقول إنَّ الأشخاص في دائرته المقربة يعلمون أنَّه يكره الاحتفالات. فهم لا يذكرون حتى عيد ميلاده.

قال هوانغ وهو راضٍ عن نفسه: “البريد الإلكتروني الوحيد الذي حصلت عليه كان رسالة تلقائية من نظام تقنية المعلومات في قسم الموارد البشرية. تقول: (عزيزي جنسن، لديك موظف أمضى 30 عاماً في الشركة). وكان اسم الموظف هو اسمي. لم يبارك لي أي أحد بمناسبة مرور 30 عاماً على عملي بالشركة، لا شيء”.

“إنفيديا” تصبح عقل “Chat GPT” وتنضم لنادي “التريليون دولار”. تطبيق روبوت الدردشة له عقل يتكون من أكثر من 20 ألف معالِج رسوميات من إنتاج “إنفيديا”.

المصدر: ضغط هنا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى