فى يوليو 2024 ..لماذا اكتسح الين الياباني الجميع؟
فى يوليو 2024 ..لماذا اكتسح الين الياباني الجميع؟انتهت تعاملات سوق صرف العملات الأجنبية لشهر يوليو 2024 عند تسوية الأسعار يوم الأربعاء الموافق 31 يوليو ، حيث قدمت العملة اليابانية على مدار الشهر أداءً مذهلاً ،حيث تمكنت من اكتساح قائمة العملات الكبرى ،بفضل تدخل بنك اليابان لدعم العملة المحلية ضد الضعف المفرط ،بالإضافة إلى تسارع تفكيك صفقات الكاري ين بسبب تزايد التكهنات حول رفع إضافة فى أسعار الفائدة اليابانية.
إقرأ أيضاَ | سهم إنتل وأمازون يهبطان بحدة بعد نتائج الأعمال الفصلية.
ومع تصاعد الضغوط التضخمية على صانعي السياسة النقدية فى البنك المركزي الياباني ،زادت احتمالات رفع أسعار الفائدة اليابانية للمرة الثانية هذا العام ،وهو ما حدث بالفعل حيث رفع بنك اليابان سعر الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008.
كما أعلن بنك اليابان عن خطة عدوانية للتشديد الكمي مع خفض مشتريات السندات الحكومية تدريجيًا على مدار عامين وصولاً إلى النصف خلال الربع الأول من عام 2026 ،وقال المحافظ “كازو أويدا” لا سقف محدد لسعر الفائدة القياسي خلال دورة التطبيع الحالية.
كما فتح مجلس الاحتياطي الفيدرالي الباب بقوة لخفض أسعار الفائدة الأمريكية فى سبتمبر المقبل ،مما سيؤدي إلى تقليص فجوة أسعار الفائدة بين اليابان و الولايات المتحدة بشكل أكبر ، الأمر الذي يعزز من فرص الاستثمار فى الين الياباني ويزيد من تسارع تفكيك صفقات الكاري ين.
وبالعودة إلى قائمة العملات الرابحة فى يوليو ،فقد تذيل الدولار الأسترالي تلك القائمة ، بسبب العزوف عن المخاطرة فى الأسواق العالمية ،بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بالاقتصاد الصيني أكبر شريك تجاري للاقتصاد الأسترالي.
وقبل استكمال الأسباب التي دعمت الين الياباني وضغطت بشدة على الدولار الأسترالي ، نتعرف أولاً على أداء العملات الثمانية الكبرى فى سوق صرف العملات الأجنبية على مدار شهر يوليو 2024.
حقق الين الياباني ارتفاعاً بمستوي 30 نقطة على مؤشر ” أف اكس نيوز تودي ” الشهري لقياس قوة العملات ،ثم الفرنك السويسري فى المركزي الثاني بمستوي 7 نقطة ، ثم الجنيه الإسترليني فى المركزي الثالث بمستوي 5 نقطة ، وأحتل الدولار الأسترالي المركز الأخير بمستوي سالب 20 نقطة.
الين الياباني
وبالنظر إلى تفاصيل أداء الين الياباني فى شهر يوليو مقابل السبع عملات الكبرى ،نجده قد اكتسح الدولار الأسترالي بنسبة 11.45% ،بأكبر مكسب شهري منذ مايو 2010 ، وسجل يوم الخميس 25 يوليو أعلى مستوى فى أربعة أشهر 99.21 ينات.
وحقق ارتفاعًا بنسبة 9.8% مقابل الدولار النيوزيلندي ،بأكبر مكسب شهري منذ مايو 2012 ،وسجل يوم الخميس 15 يوليو أعلى مستوى فى ستة أشهر عند 89.80 ين.
وصعد بنسبة 8.3% مقابل الدولار الكندي ،وحقق أكبر مكسب شهري منذ يناير 2015 ،وسجل الخميس 25 يوليو أعلى مستوى فى ستة أشهر عند 108.33 ين.
وزاد بنسبة 7.25% مقابل الدولار الأمريكي ،وحقق أكبر مكسب شهري منذ نوفمبر 2022 ،وسجل يوم الخميس 25 يوليو أعلى مستوى فى أربعة أشهر عند 151.94ينات.
وارتفع بنسبة 6.1% مقابل اليورو ،وحقق أكبر مكسب شهري منذ يونيو 2016 ، وسجل يوم الخميس 25 يوليو أعلى مستوى فى أربعة أشهر عند 162.01 ينات.
وأضاف 5.5% مقابل الجنيه الإسترليني ،وحقق أكبر مكسب شهري من مايو 2019 ،وسجل يوم الخميس 25 يوليو أعلى مستوى فى شهرين عند 192.16 ين .
وصعد بنسبة 4.85% مقابل الفرنك السويسري ،وحقق أكبر مكسب شهري منذ يونيو 2016 ،وسجل يوم الخميس 25 يوليو أعلى مستوى فى شهرين عند 170.31 ين.
تدخل بنك اليابان
أظهرت بيانات العمليات اليومية من البنك المركزي الياباني خلال الفترة الأخيرة أن بنك اليابان أنفق قرابة 6 تريليون ين ” 35 مليار دولار أمريكي” يومي الخميس والجمعة الموافقين 11–12 يوليو ، وذلك بعد أقل من ثلاثة أشهر من آخر تدخل في سوق صرف العملات الأجنبية.
تدخل بنك الياباني في نهاية أبريل وأوائل مايو ، حيث أنفق ما يقرب من 9.8 تريليون ين( 61.55 مليار دولار) لدعم العملة. سيكون هناك تقرير في نهاية الشهر من وزارة المالية من شأنه أن يؤكد المبلغ الذي تم إنفاقه على التدخل الجديد.
ما هو الكاري تريد؟
الكاري تريد أو تجارة المناقلة هي واحدة من أفضل وأهم الاستراتيجيات التي يعتمد عليها الكثير من الخبراء والمتداولين في عالم التداول ،فهي وسيلة لبناء مراكز تداول طويلة المدى بغرض الاستفادة من الفروق فى أسعار الفائدة بين العملات فى سوق الفوركس.
تتم صفقات “الكاري تريد” في سوق الفوركس عن طريق قيام المتداول ببيع عملة منخفضة العائد وشراء عملة مرتفعة العائد مع تمويل مركز التداول بشكل يومي أو أسبوعي أو أي فترة زمنية يختارها المتداول، الأمر الذي يتيح له الاستفادة من الفارق في أسعار الفائدة.
يطلق على العملة منخفضة الفائدة لقب “عملة التمويل” والعملة مرتفعة الفائدة ” عملة العائد” ،وفى زوج الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني ، عملة العائد هي الدولار الأمريكي وعملة التمويل هي الين الياباني.
حيث يقترض المتداول بالين الياباني “منخفض العائد” عبر النقاط الآجلة فى كل يوم أو كل أسبوع أو أي فترة زمنية أخرى يختارها المتداول ثم يقوم بإقراض الدولار الأمريكي “مرتفع العائد” عبر النقاط الآجلة.
إذا افترضنا أن عائدات العملة منخفضة العائد ستواصل الانخفاض أو أن عائدات العملة مرتفعة العائد ستواصل الصعود، فإن تمويل هذه الصفقة بشكل يومي يعتبر طريقة سهلة لتحقيق الأرباح.
تفكيك مراكز الكاري تريد
تتسارع حاليًا عمليات تفكيك مراكز الكاري تريد طويلة الأجل على العملة اليابانية ، وذلك بسبب التكهنات القوية حاليًا حول اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي الياباني المقرر أواخر يوليو الجاري.
قالت مصادر لوكالة “رويترز” إن البنك المركزي الياباني من المرجح أن يناقش ما إذا كان سيرفع أسعار الفائدة ويكشف النقاب عن خطة لخفض مشتريات السندات إلى النصف تقريبًا في السنوات المقبلة، مما يشير إلى عزمه على التراجع بشكل مطرد عن حوافزه النقدية الضخمة.
وفى المقابل ،رفعت بيانات اقتصادية ضعيفة فى الولايات المتحدة ،احتمالات قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة الأمريكية بنحو 25 نقطة أساس فى سبتمبر المقبل من 94% إلى 100% و فى نوفمبر من 98% إلى 100 %.
إذًا فالبنك المركزي الياباني بصدد اتخاذ خطوات جديدة فى طريق تطبيع السياسة النقدية لثالث أكبر اقتصاد فى العالم ،فى المقابل اقترب كثيرًا مجلس الاحتياطي الفيدرالي من تخفيف السياسة النقدية والبدء فى دورة تخفيض أسعار الفائدة الأمريكية.
التضخم فى طوكيو
أظهرت بيانات حكومية، أن التضخم الأساسي في طوكيو ارتفع بنسبة 2.2% سنويًا في يوليو، من 2.1% في الشهر السابق. طبقًا لتوقعات السوق ارتفاع بنسبة 2.2%.
الأسعار فى اليابان تتسارع حاليًا فوق مستهدف التضخم للبنك المركزي الياباني عند 2.0% ، الأمر الذي يعزز من احتمالات وجود زيادات إضافية أسعار الفائدة اليابانية هذا العام.
البنك المركزي الياباني
رفع البنك المركزي الياباني ،الأربعاء 31 يوليو 2024 ، سعر الفائدة القياسي بنحو 15 نقطة أساس إلى نطاق 0.25% ،كأعلى مستوى منذ عام 2008 أيان الأزمة المالية العالمية ،على خلاف توقعات السوق الإبقاء على أسعار الفائدة اليابانية ثابتة دون أي تغيير عند نطاق 0.10%.
وتعد الزيادة الجديدة فى أسعار الفائدة اليابانية هي الثانية هذا العام ،وذلك بعدما قرار بنك اليابان فى اجتماع مارس الماضي ،الخروج من سياسة الفائدة السلبية ،حيث رفع سعر الفائدة قصيرة الأجل بنحو 20 نقطة أساس إلى نطاق 0.10 % ،فى أول زيادة فى أسعار الفائدة اليابانية منذ عام 2007.
وقال البنك المركزي الياباني إنه سيستمر في رفع سعر الفائدة القياسي وتعديل درجة التيسير النقدي، على افتراض تحقيق توقعاته الاقتصادية.
كما أعلن البنك المركزي الياباني عن خطة التشديد الكمي على مدار عامين ، مع تقليص مشتريات السندات الحكومية بنحو 400 مليار ين لكل ربع سنة ،وصولاً إلى شراء نحو 3 تريليون ين “20 مليار دولار” شهريًا فى الربع الأول من عام 2026. ينفذ البنك حاليًا عمليات شراء سندات حكومية بنحو 6 تريليون ين شهريًا.
كازو أويدا
وقال محافظ البنك المركزي الياباني “كازو أويدا”: سنواصل رفع أسعار الفائدة في البلاد مع تعديل وتيرة التيسير النقدي، إذا تحققت توقعاتنا الاقتصادية الحالية للأسعار.
وأضاف أويدا: هناك مخاطر صعودية تواجه مستويات الأسعار.الاستهلاك الشخصي لا يزال قويًا بالرغم من تأثيرات التضخم الواضحة حاليًا.ارتفاع الأجور ومستويات الدخل ستقدم دعمًا إضافيًا للاستهلاكي الشخصي. زخم نمو الأجور أصبح متزايدًا على نطاق واسع سواء بالشركات الصغيرة أو المتوسطة الحجم.أسعار الواردات تشهد ارتفاعًا متزايدًا مرة أخرى، وهو ما يستدعي المزيد من الاهتمام.
وأوضح أويدا : لا أرى أن رفع أسعار الفائدة سيكون له تأثيرات سلبية واضحة على الاقتصاد الياباني ،والبنك المركزي الياباني لا يأخذ في الاعتبار الحد الأقصى لأسعار الفائدة عند 0.5%.
مجلس الاحتياطي الفيدرالي
قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” يوم الأربعاء 31 يوليو : إذا رأينا التضخم يتحرك نحو الانخفاض… بما يتماشى إلى حد ما مع التوقعات، ويظل النمو قويًا بشكل معقول، وتظل سوق العمل متسقة مع الظروف الحالية، فأعتقد أن خفض أسعار الفائدة قد يكون على الطاولة في اجتماع سبتمبر المقبل.
الفائدة الأمريكية
كانت أسواق المال العالمية تتوقع خفض أسعار الفائدة الأمريكية بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر لبعض الوقت ،لكن بعد اجتماع الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع ، أصبح المتعاملون أكثر ثقة فى حدوث هذا الخفض ، مع توقعات بتنفيذ تخفيضات بنحو 75 نقطة أساس هذا العام.
فجوة أسعار الفائدة
لقد باع المستثمرون الين بلا هوادة لعدة أشهر، نظرًا لانخفاض أسعار الفائدة في اليابان مقارنة بأي مكان آخر خاصة الولايات المتحدة، الأمر الذي أدى إلى تراكم المواقف الهبوطية في العملة اليابانية والتي اضطر البعض إلى تفكيكها.
لقد خلقت فجوة أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة واليابان فرصة تجارية مربحة للغاية، حيث يقترض المتداولون الين بأسعار منخفضة للاستثمار في الأصول المسعرة بالدولار للحصول على عائد أعلى، والمعروفة باسم تجارة “الكاري تريد”.
وبعد قرارات البنك المركزي الياباني ومجلس الاحتياطي الفيدرالي الأخيرة ، تقلصت فجوة أسعار الفائدة بين اليابان والولايات المتحدة إلى 525 نقطة أساس لصالح أسعار الفائدة الأمريكية كأقل فجوة منذ يوليو 2023 ،ومن المتوقع أن تتقلص إلى 475 نقطة أساس إذا نفذ المركزي الأمريكي بالفعل تخفيضات بنحو 75 نقطة أساس هذا العام مع تثبيت أسعار الفائدة اليابانية بدون تغيير.