استقرار الدولار مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وترقب لبيانات التضخم

استقرار الدولار مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وترقب لبيانات التضخم
استقر الدولار يوم الأربعاء قبيل صدور بيانات التضخم الأمريكية هذا الأسبوع، والتي قد تساعد في تشكيل التوقعات بشأن سياسة الاحتياطي الفيدرالي، فيما عززت الخلفية الجيوسياسية المتوترة عملات الملاذ الآمن مثل الفرنك السويسري.
وأظهرت بيانات التوظيف الصادرة الأسبوع الماضي أن الاقتصاد الأميركي خلق وظائف أقل بكثير خلال العام الماضي مقارنة بالتوقعات، ما جعل خفض أسعار الفائدة من جانب الفيدرالي الأسبوع المقبل يبدو شبه مؤكد.
إقرأ أيضاَ | الذهب قرب مستواه التاريخي قبيل بيانات تضخم أمريكية
ومع ذلك، لم ينعكس هذا الضعف على الثقة في سوق الأسهم، حيث تواصل المؤشرات تداولها عند مستويات قياسية، ولم يكن له تأثير مباشر على الدولار، حتى مع تقييم المستثمرين لاحتمال خفض بمقدار نصف نقطة مئوية الأسبوع المقبل.
وتتصاعد مخاوف المستثمرين مع التطورات الجيوسياسية الأخيرة، حيث شنت إسرائيل غارة جوية على قطر استهدفت قادة من حماس يوم الثلاثاء، في حين أسقطت بولندا طائرات مسيّرة دخلت مجالها الجوي أثناء هجوم روسي على غرب أوكرانيا يوم الأربعاء.
وقالت جين فولي، رئيسة استراتيجيات الصرف الأجنبي في RaboBank: “لقد حسم السوق أمره، وبشكل محق على الأرجح، بأن الفيدرالي سيقوم بخفض أسعار الفائدة. لكن في المقابل، تم تسعير جزء كبير من هذا الخفض مسبقًا حتى نهاية العام المقبل.” وأضافت: “على الجانب الآخر، فإن حالة عدم اليقين الجيوسياسي، مثل أخبار بولندا وقطر، لا تبعث على الاطمئنان.”
كان اليورو مستقراً أمام الدولار، لكنه قفز بنسبة 0.5% أمام الزلوتي البولندي إلى 4.268 زلوتي، مسجلاً أكبر ارتفاع يومي في ثلاثة أشهر.
وبخصوص توقعات الفيدرالي، يقوم المتداولون حالياً بتسعير خفض ربع نقطة مئوية الأسبوع المقبل بشكل كامل، مع وجود احتمال ضعيف لخفض نصف نقطة. وأشار محللون إلى أن بيانات التضخم بالجملة التي ستصدر الأربعاء، وبيانات التضخم للمستهلكين يوم الخميس، قد تؤثر على فرص هذا الخفض الأكبر.
وقال كييران ويليامز، رئيس قسم تداول العملات في آسيا لدى InTouch Capital Markets: “المعيار المطلوب لخفض بمقدار 50 نقطة أساس مرتفع، إذ سيكون هناك حاجة لصدمة هبوطية واضحة في التضخم الأساسي كي يحصل الحمائم على الغطاء اللازم.” وأضاف: “نظرًا لصلابة أسعار الخدمات وتفضيل الفيدرالي اتباع نهج تدريجي، يبدو أن خفضًا كبيرًا الأسبوع المقبل غير مرجح، لكن البيانات ستحدد مدى عدوانية السوق في تسعير مسار التيسير حتى نهاية العام.”
وفي تطور آخر، زادت حالة الغموض مع استقالة رئيسي وزراء فرنسا واليابان هذا الأسبوع، ما أثار تساؤلات بشأن الآفاق الاقتصادية والسياسية في اثنتين من أكبر سبع اقتصادات في العالم.
ظل اليورو شبه مستقر عند 1.1702 دولار بعد تراجعه 0.5% في الجلسة السابقة، بينما استقر الين الياباني عند 147.49 مقابل الدولار، وبقي الفرنك السويسري قريبًا من أعلى مستوى له في سبعة أسابيع، حيث تداول الدولار عند 0.798 فرنك.
أما مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية، فبقي ثابتًا. ومع ذلك، فقد تراجع بنسبة 10% منذ بداية العام، متأثرًا بالفوضى في السياسات التجارية والمالية الأميركية، وبالقلق المتزايد بشأن استقلالية البنك المركزي.
ولم تُظهر الأسواق رد فعل يُذكر تجاه حكم قضائي أوقف مؤقتًا محاولة الرئيس دونالد ترامب إقالة عضو مجلس محافظي الفيدرالي ليزا كوك، وهي قضية يُتوقع أن تنتهي أمام المحكمة العليا الأميركية.
وأظهرت بيانات الثلاثاء أن الاقتصاد الأميركي خلق 911 ألف وظيفة أقل مما كان مُقدَّرًا في الفترة حتى مارس، ما يشير إلى أن تباطؤ النمو الوظيفي بدأ بالفعل قبل فرض ترامب رسومه الجمركية المشددة على الواردات. غير أن هذه البيانات لم تقدم صورة واضحة عن خلق الوظائف بعد مارس، وهو ما أبقى توقعات خفض الفائدة الأميركية دون تغيير في الوقت الراهن.
وقال مات سيمبسون، كبير محللي السوق لدى City Index في بريزبن: “أعتقد أن خفضًا بمقدار 50 نقطة أساس قد يضر أكثر مما ينفع في هذه المرحلة.” وأضاف: “إلى جانب ذلك، الفيدرالي سيحرص على الحفاظ على صورته، وألا يبدو وكأنه يخضع تمامًا لرغبات ترامب.”
وتابع: “الأسواق تُسعر بالفعل ثلاثة تخفيضات خلال الاجتماعات الثلاثة المقبلة، والفيدرالي في وضع جيد ليتماشى مع هذه التوقعات، أو يزيد احتمالات خفض الفائدة في 2026 — دون الرضوخ لخفض بمقدار 50 نقطة أساس الأسبوع المقبل.”